تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: 226 ـ 240
(226)
    وقال الشيخ : لا يجب ، ما لم ينزل (1) عملاً بالأصل ، ولأن المقتضي التقاء الختانين ، أو الإنزال ، وهما منفيّان.
    والأصل يترك للمعارض ، وحصر السبب ممنوع.

    مسألة 67 : وفي دبر الغلام قولان ، أحدهما : الوجوب ـ وهو قول الشافعي وأحمد (2) ـ قاله المرتضى (3) ، لقول علي عليه السلام : « أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء ؟! » (4) والمعلول تابع ، ولأن الدليل قائم في دبر المرأة ، فكذا الغلام لعدم الفارق.
    والثاني : العدم إلّا مع الإنزال ، والمعتمد الاول.
    أما فرج البهيمة فقال الشيخ : لا نصّ فيه فلا غسل لعدم الدليل (5) ، وبه قال أبو حنيفة (6) ، لأنّه غير مقصود فأشبه إيلاج الاصبع.
    وقال الشافعي وأحمد : يجب الغُسل (7) ، لقوله عليه السلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع ) (8) ولأنّه مكلف أولج الحشفة منه في الفرج ، فوجب
1 ـ الاستبصار 1 : 112 ذيل الحديث 373.
2 ـ المجموع 2 : 132 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، السراج الوهاج : 20 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 235.
3 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 48.
4 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.
5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 28 ، الخلاف 1 : 117 مسألة 59.
6 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 17 ، شرح العناية 1 : 56 ، عمدة القارئ 3 : 252 ـ 253 ، شرح الأزهار 1 : 106 ، المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، الوجيز 1 : 17 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.
7 ـ المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، الوجيز 1 : 17 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، الاُم 1 : 37.
8 ـ سنن أبي داود 1 : 56 / 216 ، سنن النسائي 1 : 110 ـ 111 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 610 ، مسند أحمد 2 : 520 ، صحيح البخاري 1 : 80 ، صحيح مسلم 1 : 271 / 348.


(227)
الغسل كقُبل المرأة.

فروع :
    أ ـ لا يعتبر في الإيلاج الشهوة ولا الإنزال بالإجماع ، فلو أولج في فرج العجوز الشوهاء وجب الغسل.
    ب ـ لا فرق بين الفاعل والمفعول في وجوب الغُسل ، سواء كان الموطوء ذكراً أو أنثى.
    ج ـ لو أولج في فرج الميت وجب الغُسل ، وبه قال الشافعي وأحمد (1) للعموم.
    وقال أبو حنيفة : لا يجب لأنّه غير مقصود (2) ، وينتقض بالعجوزة الشوهاء.
    د ـ لو أولج بعض الحشفة لم يجب شيء حتى يولج جميعها.
    هـ ـ كيف حصل الإيلاج وجب الغُسل ، فلو أدخلت فرجه في فرجها وهو نائم لا يعلم وجب عليهما الغُسل ، وبالعكس.
    و ـ لو أولج فيما دون القُبل والدبر لم يجب الغُسل إلّا مع الإنزال ، كالسرة وشبهها إجماعا.
    ز ـ لو أولج رجل في فرج خنثى مشكل ، فإن أولج في دبره وجب الغُسل ، وإن أولج في قبله ، قال بعض علمائنا : لم يجب (3) ـ وبه قال
1 ـ المجموع 2 : 132 ، فتح العزيز 2 : 117 ، الوجيز 1 : 17 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، الاُم 1 : 37 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.
2 ـ شرح فتح القدير 1 : 56 ، عمدة القارئ 3 : 253 ، 254 ، الوجيز 1 : 17 ، المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.
3 ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : 48.


(228)
الشافعي (1) ـ لجواز أن يكون رجلاً ويكون ذلك عضواً زائداً من البدن ، ولو قيل بالوجوب كان وجهاً لقوله عليه السلام : ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ) (2) ، ولوجوب الحد به.
    فلو أولجت هذه الخنثى في فرج امرأة ، قال بعض علمائنا والشافعي : وجب الغُسل على الخنثى خاصة (3) ، لأنّه إن كان رجلاً فقد أولج في فرج امرأة ، وإن كان امرأة فقد أولج الرجل في فرجها.
    ولو أولج الخنثى في فرج امرأة فلا شيء على الخنثى لاحتمال أن يكون زائدا ، ويحتمل الوجوب للعموم (4).
    وقال الشافعي : يجب على المرأة الوضوء لخروج خارج من فرجها (5) ، ويحتمل عندي الغسل.
    ولو أولج الخنثى في دبر الغلام فالأقرب عندي الغُسل عليهما ، وقيل : لاشئ على الخنثى لاحتمال أن يكون امرأة (6) ، وقال الشافعي : يجب على الغلام الوضوء بخروج شيء من دبره (7).
    ولو أولج خنثى في فرج خنثى فعلى ما قيل لا شيء عليهما ، لاحتمال ان يكونا رجلين.
    ح ـ ولو أولج الصبي في الصبية تعلق بهما حكم الجنابة على إشكال
1 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121 ، المهذب للشيرازي 1 : 36.
2 ـ مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.
3 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121.
4 ـ اشار بذلك إلى حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد 6 : 239 ، وسنن البيهقي 1 : 163.
5 ـ فتح العزيز 2 : 121.
6 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 48.
7 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121 ، مغني المحتاج 1 : 69.


(229)
فيمنعان من المساجد ، وقراء‌ة العزائم ، ومس كتابة القرآن ، ويجب عليهما الغُسل بعد البلوغ ، وفي الاكتفاء بالغسل الأول عنه إشكال ، أقربه ذلك.
    ولو أولج الصبي في البالغة ، أو البالغ في الصبية تعلق الحكم بالبالغ قطعاً ، وبالصبي على إشكال.
    ط ـ لو أولج مقطوع الحشفة فأقوى الاحتمالات الوجوب لو غيب قدرها أو جميع الباقي ، وبهما قال الشافعي (1) ، والسقوط.
    ي ـ لو لفّ خرقة على ذكره وأولج وجب الغُسل للعموم (2) ، وهو أحد وجوه الشافعية ، والعدم ، والفرق بين اللينة والخشنة (3).
    يا ـ لو استدخلت ذكراً مقطوعاً فوجهان كالشافعية (4) ، وكذا ذكر الميت والبهم.
    ولو استدخلت ماءً الرجل فلا غسل ولا وضوء وإن خرج ، وعند الشافعية يجب الوضوء لو خرج (5).

المطلب الثاني : في الغسل
    وفيه بحثان :
    الأول : في واجباته : وهي أربعة :
    الأول : النيّة ، وقد تقدمت وهي شرط ، ويستحب إيقاعها عند غسل
1 ـ المجموع 2 : 133 ـ 134 ، فتح العزيز 2 : 116 ـ 117.
2 ـ أشار إلى عموم حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.
3 ـ المجموع 2 : 134 ، فتح العزيز 2 : 118 ـ 119 ، مغني المحتاج 1 : 69.
4 ـ المجموع 2 : 133 ، مغني المحتاج 1 : 71.
5 ـ المجموع 2 : 151.


(230)
الكفين لأنّه أول أفعال الطهارة ، وتتضيق عند غسل الرأس ، فلو شرع فيه قبل فعلها وجب الاستئناف بعده ، ويجب استدامتها حكماً دفعا لمشقة الاستحضار دائما.
    ولا بدّ من نيّة غسل الجنابة ، أو رفع الحدث وإن أطلق ، لأنّ الحدث هو المانع من الصلاة ، وهو أظهر وجهي الشافعي (1) ، فإن نوى رفع الاصغر متعمّداً لم يصح غسله ، وهو أظهر وجهي الشافعي (2) ، وكذا إنّ سهى ، وللشافعي في رفع الحدث عن أعضاء الوضوء وجهان (3).
    ولو نوت الحائض استباحة الوطء صحّ الغُسل ، وللشافعي وجهان (4).
    الثاني : غسل البشرة بما يسمى غسلاً بالإجماع والنص (5) ، فالدهن إنّ تحقق معه الجريان أجزأ وإلّا فلا ، لأنّ علياً عليه السلام كان يقول : « الغُسل من الجنابة والوضوء يجزي منه ما أجزأ مثل الدهن الذي يبل الجسد » (6) فشرط الجريان.
    الثالث : إجراء الماء على جميع ظاهر البدن والرأس واصول الشعر كلّه ، خف أو كثف ، لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله : ( تحت كلّ شعرة جنابة ، فبلّوا الشعر وأنقوا البشرة ) (7) ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه
1 ـ المجموع 1 : 322 ، كفاية الأخيار 1 : 24 ، مغني المحتاج 1 : 72 ، فتح العزيز 2 : 163.
2 ـ كفاية الأخيار 1 : 24 ، المجموع 1 : 332 ، فتح العزيز 2 : 163 ، مغني المحتاج 1 : 72.
3 ـ المجموع 1 : 322 ، فتح العزيز 2 : 163 ، كفاية الأخيار 1 : 24.
4 ـ المجموع 1 : 323 ، فتح العزيز 2 : 163 ـ 164.
5 ـ اُنظر على سبيل المثال : التهذيب 1 : 131 / 362 وما بعدها ، والاستبصار 1 : 118 / 398و 123 / 419.
6 ـ التهذيب 1 : 138 / 385 ، الاستبصار 1 : 122 / 414.
7 ـ سنن أبي داود 1 : 65 / 248 ، سنن الترمذي 1 : 178 / 106 ، سنن ابن ماجة 1 : 196 / 597.


(231)
السلام : من ترك شعرة من الجنابة متعمّداً فهو في النار (1).
    ولو لم يصل إلّا بالتخليل وجب ، ومن عليه خاتم ضيّق ، أو دملج ، أو سير وجب إيصال الماء إلى ما تحته ، إمّا بالتحريك أو النزع ، ولو كان يصل الماء استحب تحريكه والتخليل ، ويغسل ظاهر اذنيه وباطنهما ، ولا يدخل الماء فيما بطن من صماخه ، ولا يجب غسل باطن الفم والانف ، ولا غيرهما.
    الرابع : الترتيب ، يبدأ برأسه ، ثم جانبه الأيمن ، ثم الأيسر ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، إلّا المرتمس وشبهه لأنّ عائشة قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يخلّل شعره ، فإذا ظن أنّه أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ، ثم غسل سائر جسده (2) ، وعن ميمونة ، وساقت الحديث ... حتى أفاض عليه السلام على رأسه ثم غسل جسده (3). فيجب اتّباعه.
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سأله زرارة كيف يغتسل الجنب ؟ إلى أن قال : « ثم صب على رأسه ثلاث أكف ، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين ، وعلى منكبه الأيسر مرتين » (4) وتقديم الرأس يوجب تقديم الأيمن لعدم الفارق ، ولأن المأتي به بياناً إن كان غير مرتب وجب ، وليس كذلك بالإجماع فتعين الترتيب ، وقال الجمهور : لا يجب (5) بالأصل.
1 ـ التهذيب 1 : 135 / 373.
2 ـ صحيح البخاري 1 : 76 ، سنن النسائي 1 : 205 ، سنن البيهقي 1 : 175.
3 ـ صحيح البخاري 1 : 77 ، سنن الترمذي 1 : 174 / 103 ، سنن البيهقي 1 : 177 ، سنن النسائي 1 : 137.
4 ـ الكافي 3 : 43 / 3.
5 ـ المجموع 2 : 197 ، المغني 1 : 252 ـ 253 ، الشرح الكبير 1 : 249 ، الشرح الصغير 1 : 65 ، بدائع الصنائع 1 : 17 ـ 18 و 34.


(232)
فروع :
    الأول : يسقط الترتيب عن المرتمس دفعة واحدة ، لقول الصادق عليه السلام : « إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك عن غسله » (1).
    وقال بعض علمائنا : يرتّب حكماً (2).
    الثاني : قال المفيد : لا ينبغي أن يرتمس في الراكد ، فإنه إن كان قليلاً أفسده (3). وليس بجيد لما بيّنا من بقاء الطهورية بعد الاستعمال.
    الثالث : لو وقف تحت الغيث حتى بل جسده طهر مع الجريان وإن لم يرتّب ـ خلافاً لبعض علمائنا (4) ـ لقول الكاظم عليه السلام وقد سئل أيجزي الجنب أن يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده ، وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك » (5) وكذا البحث في الميزاب وشبهه.

البحث الثاني : في مسنوناته
    وهي :
    الأول : الاستبراء بالبول للمنزل الذكر ، فإن تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً ، ومنه إلى رأسه ثلاثاً ، وينتره ثلاثاً ، وعصر رأس
1 ـ الكافي 3 : 43 / 5 ، التهذيب 1 ، 149 / 423 ، الاستبصار 1 : 125 / 424.
2 ـ وهو سلار كما في المراسم : 42 ، وهذا اختيار الشيخ في الاستبصار 1 : 125 ذيل الحديث 424 ، والمصنف في المختلف : 32.
3 ـ المقنعة : 6.
4 ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : 49.
5 ـ التهذيب 1 : 149 / 424 ، الاستبصار 1 : 125 / 425 ، الفقيه 1 : 14 / 27 ، قرب الاسناد : 85.


(233)
الحشفة ، وليس واجباً عند أكثر علمائنا (1) ، للأصل ، ولقوله تعالى : « فاطّهّروا » (2) عقَّبَ به القيام ، وأذن في الدخول بعد الاغتسال ، وقال الشيخ بالوجوب (3).

فروع :
    أ ـ لا استبراء بالجماع من غير إنزال ، ولا على المرأة لاختلاف المخرجين.
    ب ـ لو أخل بالاستبراء ، فإن لم يجد بللاً صحّ غسله ولا شيء ، وإن وجد بللاً فإن علمه منيا ، أو اشتبه وجب إعادة الغُسل دون الصلاة السابقة على الوجدان ، وإن علمه غير مني فلا شيء.
    ج‍ ـ لو استبرأ بالبول ولم يستبرئ منه ثم وجد البلل ، فإن علمه منيا أعاد الغُسل خاصة ، وإن اشتبه فالوضوء ، وكذا إنّ اشتبه بالبول.
    ولو استبرأ منهما ثم وجد المشتبه ، فلا غسل ، ولا وضوء لقول الصادق عليه السلام : « إنّه من الحبائل » (4).
    الثاني : غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء.
    الثالث : المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثا ، وقد تقدم.
    الرابع : إمرار اليد على الجسد ، وليس واجباً ، ذهب إليه علماؤنا
1 ـ منهم السيد المرتضى في الناصريات : 224 المسألة 39 ، والمحقق الحلّي في المعتبر : 49 وابن إدريس في السرائر : 21.
2 ـ المائدة : 6.
3 ـ المبسوط للطوسي 1 : 29.
4 ـ الفقيه 1 : 47 / 10.


(234)
أجمع ، والشافعي وأكثر العلماء (1) ، للأصل ، ولقوله عليه السلام لام سلمة وقد سألته عن غسل الجنابة : ( إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماءً ثم تفيضي الماء على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت ) (2).
    وقال مالك والمزني : إمرار اليد إلى حيث تنال واجب (3) ، لقوله تعالى : ( حتى تغتسلوا ) (4) ولا يقال : اغتسل إلّا من دلك جسده ، ولأن ّالتيمم يجب فيه إمرار اليد ، فكذا الغسل.
    ويبطل بقولهم : غسل الإناء وإن لم يمرّ اليد ، وكذا غسل يده ، والتراب يتعذر إمراره إلّا باليد ، ولأنّ المسح يتوقف عليه ، نعم لو لم يصل الماء إلا بالامرار وجب.
    وكذا تخليل الاُذنين إن لم يصبهما الماء.
    الخامس : الغُسل بصاع ، وليس واجباً للامتثال لو حصل بدونه ، ولقول الباقر عليه السلام : « الجنب ما جرى عليه الماء من جسده ... » (5) وقال أبو حنيفة : يجب (6) وقد تقدم.
    السادس : لا يجب غسل المسترسل من الشعر ، ويستحب عملاً بالأصل ، ويجب غسل اصوله في جميع الرأس والبدن.
1 ـ المغني 1 : 251 ، الشرح الكبير 1 : 247 ، المجموع 2 : 185 ، فتح العزيز 2 : 185 ، كفايةالاخيار 1 : 26 ، مغني المحتاج 1 : 74 ، عمدة القارئ 3 : 192 ، المحلى 2 : 30.
2 ـ سنن أبي داود 1 : 65 / 251 ، سنن إبن ماجة 1 : 198 / 603 ، سنن الترمذي 1 : 176 / 105.
3 ـ بداية المجتهد 1 : 44 ، المدونة الكبرى 1 : 27 ، المبسوط للسرخسي 1 : 45 ، عمدة القارئ 3 : 192 ، المجموع 2 : 185 ، فتح العزيز 2 : 185 ، بُلغة السالك 1 : 43 ، والشرح الصغير 1 : 43.
4 ـ النساء : 43.
5 ـ الكافي 3 : 21 / 4 ، التهذيب 1 : 137 / 380 ، الاستبصار 1 : 123 / 416.
6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 45 ، بدائع الصنائع 1 : 35 ، فتح العزيز 2 : 191 ، المغني 1 : 256 ، الشرح الكبير 1 : 256.


(235)
    وقال الشافعي : يجب غسل المسترسل (1).
    السابع : ينبغي أن يبدأ أولاً بغسل النجاسة عن بدنه ، فلو غسل رأسه قبله صحّ ، وهل يكفي غسلها عن غسل محلّها ؟ إشكال ، وللشافعي فيه وجهان (2).

المطلب الثالث : في الاحكام
    مسألة 68 :
يحرم على الجنب قراء‌ة الغزائم ، وهي أربع سور : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربك ، دون ما عداها ، ويكره ما زاد على سبع آيات من غيرها ، ويتأكد ما زاد على سبعين.
    أما تحريم العزائم فإجماع أهل البيت عليهم السلام عليه ، ولقول الباقر عليه السلام : « الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرآن من القرآن ما شاء‌آ إلّا السجدة » (3).
    وأما تسويغ غيرها فلقوله تعالى : ( فاقرؤا ما تيسر منه ) (4) ، وللأصل ، ولقول الصادق عليه السلام ، وقد سئل أتقرأ النفساء والجنب والحائض شيئا من القرآن ؟ : « يقرؤون ما شاؤا » (5).
    والجمهور لم يفرقوا بين العزائم وغيرها ، ثم اختلفوا ، فقال الشافعي :
1 ـ المجموع 2 : 184 ، كفاية الأخيار 1 : 25 ، مغني المحتاج 1 : 73 ، الاُم 1 : 40 ، السراج الوهاج : 21.
2 ـ المجموع 2 : 199 ، مغني المحتاج 1 : 75 ، كفاية الأخيار 1 : 25 ، السراج الوهاج 1 : 22 ، فتح العزيز 2 : 171.
3 ـ التهذيب 1 : 371 / 1132.
4 ـ المزمل : 20.
5 ـ التهذيب 1 : 128 / 348.


(236)
الجنب والحائض لا يجوز لهما قراء‌ة شيء من القرآن (1) ، لأنّ علياً عليه السلام قال : « إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لم يكن يحجبه عن قراء‌ة القرآن شيء إلّا الجنابة » (2) وحكى ابن المنذر عن أبي ثور أنّه حكى عن الشافعي جواز أن تقرأ الحائض (3).
    وروي كراهة القراء‌ة عن علي عليه السلام ، وعمر ، والحسن البصري ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة (4) ، لأنّ عبد الله بن رواحة رأته امرأته مع جاريته فذهبت لتأخذ سكيناً ، فقال : ما رأيتني أليس نهى رسول الله صلّى الله عليه وآله أن يقرأ أحدنا وهو جنب ؟ فقالت : إقرأ ، فقال :
شهدت بأنّ وعد الله حق وأنّ العرش فوق الماء طاف تحمله ملائكة شداد وأنّ النار مثوى الكافرينا وفوق العرش ربّ العالمينا ملائكة الاله مسومينا
    فقالت : صدق الله وكذب بصري ، فجاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فأخبر فضحك حتى بدت نواجذه (5) ، وهذا يدل على اشتهار النهي بين الرجال والنساء.
    وقال عبد الله بن عباس : يقرأ ورده وهو جنب (6). وقيل لسعيد بن المسيب : أيقرأ الجنب ؟ فقال : نعم ، أليس هو في جوفه ، وبه قال داود ،
1 ـ المجموع 2 : 156 و 158 ، فتح العزيز 2 : 133 ـ 134 ، مغني المحتاج 1 : 72.
2 ـ سنن ابن ماجة 1 : 195 / 594 ، سنن النسائي 1 : 144 ، سنن أبي داود 1 : 59 / 229 ، مسند أحمد 1 : 124.
3 ـ المجموع 2 : 356 ، فتح العزيز 2 : 143.
4 ـ المغني 1 : 165.
5 ـ المجموع 2 : 159.
6 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 158 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، الشرح الكبير 1 : 240.


(237)
وابن المنذر (1) ، لأنّ عائشة قالت : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله لم يكن يترك ذكر الله على كلّ أحيانه (2) ، ولا دلالة فيه.
    وقال أبو حنيفة ، وأحمد : يقرأ دون الآية ، لعدم إجزائها في الصلاة فصارت كالاذكار (3).
    وقال مالك : الحائض تقرأ القرآن ، والجنب يقرأ آيات يسيرة ، لأنّ الحائض يطول أيامها ويكثر ، فلو منعناها من القرآن نسيت (4).
    وقال الأوزاعي : لا يقرأ الجنب إلّا آية الركوب والنزول والصعود (5) ( سبحان الذي سخر لنا هذا ) (6) ( رب أنزلني منزلاً مباركاً ) (7).

فروع :
    الأول : لو تيمم لضرورة ففي جواز قراء‌ة العزائم إشكال.
    الثاني : أبعاض العزائم كهي في التحريم ، حتى البسملة إذا نواها منها.
    الثالث : إذا لم يجد ماء‌اً ولا تراباً صلّى مع حدثه ، وقرأ ما لا بدّ له من
1 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 158 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، المحلى 1 : 79 و 80.
2 ـ صحيح مسلم 1 : 282 / 373 ، سنن أبي داود 1 : 5 / 18 ، سنن ابن ماجة 1 : 110 / 302.
3 ـ المغني 1 : 165 ـ 166 ، الشرح الكبير 1 : 240 ـ 241 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، المحلى 1 : 78 ، شرح فتح القدير 1 : 148 ، نيل الأوطار 1 : 284 ، المجموع 2 : 158 ، الوجيز 1 : 18 ، فتح العزيز 2 : 134.
4 ـ المحلى 1 : 78 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، المجموع 2 : 158 ، الوجيز 1 : 18 ، فتح العزيز 2 : 134 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 و 81.
5 ـ المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240.
6 ـ الزخرف : 13.
7 ـ المؤمنون : 29.


(238)
قراء‌ته عند الشافعي (1) للضرورة.
    الرابع : لا يمنع من شيء من الأذكار حتى اسمه تعالى.

    مسألة 69 : ويحرم عليه مسّ كتابة القرآن ، وعليه إجماع العلماء (2) ـ إلّا داود (3) ـ لقوله تعالى : ( لا يمسه الا المطهرون ) (4) وقد تقدم ، ويحرم عليه أيضاً مسّ اسمه تعالى في أي شيء كان ، لما فيه من التعظيم لشعائر الله ، وقول الصادق عليه السلام : « لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله تعالى » (5).
    قال الشيخان : ويحرم أيضاً مسّ أسماء أنبياء الله ، والائمة عليهم السلام تعظيماً لهم (6).

    مسألة 70 : الاشهر بين علمائنا تحريم الاستيطان في المساجد ، وبه قال الشافعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة (7) ، لقوله تعالى : ( ولا جنباً إلّا عابري سبيل ) (8) ، وقوله عليه
1 ـ المجموع 2 : 163 ، فتح العزيز 2 : 142 ، مغني المحتاج 1 : 72.
2 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 228 ، المجموع 2 : 72 ، فتح العزيز 2 : 97 ، تفسير القرطبي 17 : 226 ، عمدة القارئ 3 : 63 ، شرح فتح القدير 1 : 149 ، بدائع الصنائع 1 : 33 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، بُلغة السالك 1 : 57 ، الشرح الصغير 1 : 57 ، شرح الأزهار 1 : 107.
3 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 228 ، المجموع 2 : 72.
4 ـ الواقعة : 79.
5 ـ التهذيب 1 : 126 / 340 ، الاستبصار 1 : 113 / 374.
6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 29 ، وحكى قول الشيخ المفيد المحقق في المعتبر : 50.
7 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 144 و 146 ، بداية المجتهد 1 : 48 ، مغني المحتاج 1 : 71 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 ، الهداية للمرغيناني 1 : 31 ، شرح العناية 1 : 146.
8 ـ النساء : 43.


(239)
السلام : ( لا اُحل المسجد لحائض ولا جنب ) (1).
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام عن الجنب يجلس في المسجد ، قال : « لا ، ولكن يمرّ فيها كلها إلّا المسجد الحرام ، ومسجدالرسول صلّى الله عليه وآله » (2).
    وقال أحمد وإسحاق : إذا توضأ جاز له اللبث فيه ، لأنّ الصحابة إذا كان أحدهم جنباً توضأ ودخل المسجد ، وتحدّث (3) ، ويحمل على العبور أو الغسل.
    وقال المزني ، وداود ، وابن المنذر : يجوز اللبث وإن لم يتوضأ ، لأنّ الكافر يجوز له الدخول ولا يخلو من الجنابة ، فالمسلم أولى (4). ونمنع الاصل

فروع :
    الأول : لا بأس بالاجتياز من غير لبث ـ وبه قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن جبير ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وعطاء ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، والمزني ، وابن المنذر (5) ـ لقوله تعالى : ( إلا عابري سبيل ) (6).
1 ـ سنن أبي داود 1 : 60 / 232.
2 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.
3 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 242 ، المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 148 ، تفسير القرطبي 5 : 206 ، نيل الأوطار 1 : 288.
4 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 148 ، تفسير القرطبي 5 : 206 ، نيل الأوطار 1 : 288.
5 ـ المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، السراج الوهاج : 21 ، تفسير القرطبي 5 : 206 : التفسير الكبير 10 : 108 ، نيل الأوطار 1 : 287 ، كفاية الأخيار 1 : 50 ، واُنظر سنن البيهقي 2 : 443 ، مصنف ابن ابي شيء بة 1 : 146.
6 ـ النساء : 43.


(240)
    وقال جابر : كان أحدنا يمّر في المسجد وهو جنب مجتاز (1) ، والظاهرأنهم لم يفعلوا ذلك في زمانه عليه السلام إلّا بإذنه.
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام : « لكن يمرّ فيها » (2).
    وقال مالك : لا يجوز له العبور بحال ـ وهو قول أصحاب الرأي (3) ـ لقوله عليه السلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض ) (4) ولأن من لا يجوز له اللبث لا يجوز له العبور ، كالغاصب ، ونحن نقول بالحديث إذ المراد مسجده عليه السلام ، ونمنع القياس ، لأنّ التصرف في الأصل ممنوع مطلقاً.
    الثاني : لا يحل للجنب ولا للحائض الاجتياز في مسجد مكة ، ومسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله بالمدينة ، ذهب إليه علماؤنا ـ ولم يفرق الجمهور (5) ـ لقوله عليه السلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض ) (6).
    ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام : « إلّا المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلّى الله عليه وآله » (7).
    الثالث : لو أجنب في أحد المسجدين تيمم واجباً وخرج للاغتسال ،
1 ـ المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، أحكام القرآن لابن العربي 1 : 436 ، نيل الاوطار 1 : 287 ، واُنظر سنن البيهقي 2 : 443 ، مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 146.
2 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.
3 ـ بداية المجتهد 1 : 48 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 ، فتح العزيز 2 : 148 ، نيل الأوطار 1 : 287 ، اللباب 1 : 43 ، المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، شرح فتح القدير 1 : 146 ، الهداية للمرغيناني 1 : 631 الكفاية 1 : 146 ، شرح العناية 1 : 146.
4 ـ سنن أبي داود 1 : 60 / 232 وورد نحوه في سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.
5 ـ المجموع 2 : 160 و 172 ، فتح العزيز 2 : 148 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، بداية المجتهد 1 : 48 ، شرح فتح القدير 1 : 146 ، اللباب 1 : 43 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، نيل الأوطار 1 : 287.
6 ـ سنن ابي داود 1 : 60 / 232 ، وورد نحوه في سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.
7 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.
تذكرة الفقهاء الجزء الأول ::: فهرس